الأحد، 10 أغسطس 2014

راسبوتين - الراهب الداعر

جريجوري راسبوتين - راهب الظلام




راهب الظلام ، راهب القوي الخفيه ، القديس الأسود ، كلها القاب مرتبطه بواحد من أكثر الشخصيات غموضاً و تأثيراً على القيصريه الروسيه و العائله المالكه التي كانت تمتلك ثُلث الكره الأرضيه تقريباً.

برغم أنه كان أمّي ، إشتهر بأنه الراهب الغامض المرتبط بالإله مباشرة ً ، القديس الأسود ذو القوى الخفيه ، الغريب أنه كان دائم السُكر و مترنحا يهاجم أي من كان بالقصر الملكي حتي القيصر بذاته و هنا نعرف سبب إقترابه من القصر الملكي.

ظهرت لدى راسبوتين في طفولته رؤى مستمرة عن القوى الإلهية وقدرات الشفاء الخارقة، إذ كان باستطاعته مثلا أن يبرئ حصانا بمجرد لمسه، لكنه اكتسب في فترة مراهقته اسم راسبوتين (أي الفاجر بالروسية) بسبب علاقاته الجنسية الفاضحة.


بحلول عام 1903م وصل إلى سان بطرسبرغ كلاما عن قوى صوفية خارقه و مخيفه قادمة من سيبريا ذات عيون وحشية مضيئة ونظرة مجنونة، وبدا أن راسبوتين كان قد حدد موعدا لدخوله المجتمع الراقي في الوقت المناسب، وقد ساهم في ذلك أن الطبقة الأرستقراطية كانت مولعة بمسائل السحر والتنجيم وكانت عمليات تحضير الأرواح أمرا مألوفا. كان شؤما على أسرته ، فكل من كان يقترب منه و هو طفل كان إما يموت حرقاً أو غرقا أو يسقط على رأسه لتتهشم لذلك كان وحيدا.

سبب إقترابه من القصر كان في أن ولي العهد الطفل أليكسيس نيكوليافبتش كان يعاني من مرض بسيلان الدم الهيموفيليا قد ورثه عن أمه حفيدة فيكتوريا ملكة بريطانيا العظمى، والمرض الذي عاني منه ولي العهد ومات به من قبل أخ الملكة واثنان من أبناء الاخوة وخالها، يبدأ بنزيف تحت الجلد ثم يظهر ورم يتصلب يتبعه شلل مصحوبا بآلام شديدة، ولم يمضي وقت طويل منذ أثبت راسبوتين قوته الخارقة للأكسندرا حتى أصبح مستشارها الشخصي المؤتمن على أسرارها، يزورها في القصر في موعد أسبوعي محدد.
وتقول إحدى النظريات المتعلقة بقدرة راسبوتين على وقف النزيف الذي أصيب به أليكسيس، ابن القيصر، بأنه استخدم التنويم المغناطيسي لإبطاء النبض، ومن ثم تقليل القوة التي تدفع الدم إلى الدوران في جسده.

كان راسبوتين معارضاً للحرب ، وظل يتشفع لدى القيصر كي لا يتورّط في صراع عام ١٩١٣م مع العثمانيين في البلقان .
أما الوطنيون المتعصّبون فقد ظلّوا يلحّون على قيام روسيا بمساعدة الأرثوذكس .


وفي ديسمبر عام 1916م كتب راسبوتين خطابا للقيصر يتنبأ فيه بقتله، وعن قتلته المحتملين كتب يقول" إذا قتلني أقاربك فلن يبقى أي فرد من عائلتك حيا لأكثر من عامين، وتستطيع أن تقول أي من أولادك أو أقاربك، فسوف يقتلهم الشعب الروسي. سأُقتل، لم يعد لي وجود في هذه الحياة. صلي أرجوك، صلي، وكن قويا، وفكر في عائلتك المصونة".

وهو ما حدث بالفعل فبعد 90 يوم قُتل كل أفراد العائلة الملكيه رميا بالرصاص إبان الثوره البلشفيه.

وفي ليلة السادس عشر من ديسمبر عام 1916م دعا يوسوبوف راسبوتين إلى قصر مويكا بحجة أن إيرينا التي يشاع عنها أنها أجمل امرأة في سان بطرسبرغ تريد مقابلته، وقبل راسبوتين الدعوة ، والذهاب إلى غرفة جانبية حيث سيكون بانتظاره مائدة عامرة بأنواع الحلويات والفواكه ، وستكون قوالب الكعك عامرة بمادة سيانيد البوتاسيوم ، وإذا فشلت المادة بقتله ، فإن السم الموجود في الكؤوس سيتمّ المهمة .
بينما كان راسبوتين ينتظر ظهورها قدم رجل لراسبوتين قطعتين من الكعك وخمر مدسوس بهما سما مميتا ، وشرب راسبوتين كأسين من الخمر المسمومة ، ولم يظهر عليه أي أثر للتسمّم ، بل إنّه شعر بالمزيد من الظمأ والتشوّق لرؤية الأميرة .

مضى الوقت ولم يحدث شيءأصيب المتآمر بالهلع لما بدا من حصانة راسبوتين ضد السم، فصعد الأمير إلى الطابق العلوي ليخبر بقية المتآمرين الذين توتّرت أعصابهم .
عندما دقّت الساعة ٢,٣٠ ليلاً ، لم يعد بإمكان الأمير مواصلة الادعاء بأنَّ زوجته لا تزال تتولى العناية بضيوف آخرين ، لذلك استأذن من الراهب قليلاً وصعد إلى الطابق العلوي بدعوى أنه سيستدعي إيرينا حالاً .

لم يستطع يوسوبوف السيطرة على نفسه ، واتفق الأمير مع المتآمرين على إطلاق النار على الراهب ، وهكذا نزل وهو يخفي مسدساً . وعندما انضم إلى الراهب طلب مزيداً من الخمر ، وبعد أن شربها ، اقترح الخروج لزيارة الغجر لقضاء وقت طيّب ..
من الخلف ، نزع الأمير مسدسه ، وأطلق النيران على راسبوتين الذي التفت فاستقرت الرصاصة في صدره . 

اتسعت عينا الراهب بشكل مرعب .. وفتح فمه كما لو كان سيتكلم ، سمع المتآمرين صوت الرصاص ، واندفعوا إلى الغرفة ، وكانت الساعة ٣ صباحاً ، وهناك شاهدوا راسبوتين متمدداً دون حراك ... والدم ينزف
فوق السجادة .
وبصعوبة بالغة ترنح راسبوتين خارجا إلى ساحة القصر .

بدأ الجميع يتخذون الترتيبات لنقل الجثة وجمع أغراض راسبوتين من معطف وقبعة .. وذلك لإحراقها . وبالمصادفة فقط ، انحنى أحد المتآمرين قريباً من الجثة ، وإذ بالرعب يأخذ منه كل مأخذ .. فقد فتح راسبوتين إحدى عينيه .. ثم فتح العين الأخرى .. ثم نهض على قدميه وهو يُرغي ويزبد محاولاً الانقضاض على ذلك المتآمر الذي صار ينادي مرعوباً : يا فيلكس .. فيلكس ..! 

أطلقوا عليه النار مره ثانيه ومازال يترنح و يزحف علي الأرض و يمسك به.

تمكّن الرجل من الإفلات ، فأسرع هارباً إلى الطابق العلوي لاستدعاء بقية المتآمرين ...
هنا انطلق راسبوتين إلى الحديقة وهو يهذي قائلاً : فيلكس .. يافيلكس .. سوف أُخبر زوجة القيصر ...
وبصعوبة بالغة ترنح راسبوتين خارجا إلى ساحة القصر .
لحق أحد المتآمرين بالراهب في الجوار حيث كان الثلج يغطي المكان ،كان بفالوفيتش وبيرشيكفيتش يستعدان للمغادرة، فأطلق يرشيكفيتش النيران ثانية على راسبوتين المترنح ، فسقط راسبوتين وضرباه بهراوة وقيداه ، وركل المتآمر رأس الراهب الصريع .. لكن شرطياً كان يتجول في المنطقة أقترب من بوابة الحديقة بعد أن سمع صوت إطلاق النار.
فتح الأمير البوابة وقال للشرطي إن ضيوفه يمضون ليلة حافلة بالشرب والعبث والمجون ، وأن أحدهم أطلق النار على كلب ...
دعا الأمير الشرطي للدخول إلى القصر ، وأخبره بأنه قتل راسبوتين فارتبط لسان الشرطي ، وظل صامتاً في سبيل مصلحة القيصر والوطن .

قرر المتآمرون أن يلقوا بجسده في نهر نيفا المتجلّدة.
وعندما عثرت الشرطة على جثة راسبوتين بعد يومين دل تشريحها الذي كشف عن وجود مياه في الرئتين ، وأن راسبوتين كان ما زال حيا عندما ألقى به في النهر، ولكن برودة الماء المتجلد قتلت الرجل ، وقد فسر بعض العلماء في محاولة لفهم عدم تأثرة بالسم بإصابته بنقصان الحمض المعوي ويقول البعض ان معاقرته للخمر ابطلت مفعول السم، ولكن انتشرت الاشاعات انه كان يتعاطى كميات ضئيلة من السم يوميا ليحمي نفسه في حالة أن حاول أحدا قتله.

فرحت الأوساط السياسيه لموته أما الفقراء فأعتبروه قديس القوى الخافته أو المظلمه الذي قتله الأرستقراطيون.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق